أهدتني الزوجة كارت الجزيرة لمتابعة ماتشات كأس العالم، أهو منه تبقي عملت جميلة تتحسب عليَّ ـ سأكون مطالباً بردها في أقرب فرصة ـ، ومنه تمنح نفسها بعض الراحة من هذا الكائن الذي يستسهل دائماً اللجوء إليها لمساعدته في أي شيء بداية من البحث عن ريموت التكييف مروراً بأن يتدرب عليها في لعبة البلاي ستيشن التي أدمنها مؤخراً نهاية بإيقاظها لمعرفة رأيها في المقال الجديد قبل إرساله إلي الجريدة، صرت أناديها في أي ظرف وصارت ـ أكرمها الله ـ ترد بكل صبر وأدب إلي أن صارت ماشية في الشقة بترد لوحدها دون أن أناديها، سيمنحها انشغالي بالمباريات واستوديوهات التحليل فرصة لالتقاط الأنفاس، فإذا كان نوم الظالم عبادة فانشغاله بالمونديال تهجد.
إلا أن المنحوس منحوس، ولأنني أشجع فريقاً عودني علي قلة القيمة وكسرة النفس والتعرض للتلقيح من اللي يسوي واللي ما يسواش فقد كان عادياً أن تصيبني العكننة كما يقول مهندسو الإلكترونيات: BY DE FAULT
فالطبيعي أن يشجع الواحد منا فريقاً في بطولة المونديال يفرح لانتصاراته أو يحزن لخروجه من البطولة، لكن أن يشجع الواحد ستة فرق وتخرج جميعها قبل انتصاف البطولة مقهورة فهذا هو الجديد الذي لم أكن أتوقعه، كنت أشجع الجزائر لكونها الدولة العربية الوحيدة وأشجع ساحل العاج والكاميرون ونيجيريا وغانا بحكم العشرة والبرازيل لكونها الموطن الأصلي للعبة، ثم تساقط الجميع كأوراق الشجر المرشوش بمبيدات مسرطنة، أصبح الكارت مصدراً للإحباط بعد أن كنت أعتقد أنه حكراً علي الزمالك، أتاري العيب فيَّ وفي اختياراتي، كنت أمني النفس بلحظات سعادة ونشوة بالفوز من منطلق تباهي القرعة بشعر ابن أختها لكن تبقي في الوجدان لحظات ثقيلة، اضطر الواحد بعدها ليعود إلي النداء علي الزوجة من جديد لتشاركه هذه المشاعر علي أساس أن الجواز مشاركة وكده يعني، وكانت للأمانة مخلصة أو ربما كانت بتاخدني علي قد عقلي فقد كانت تعلنها صراحة في كل المحافل العائلية أنها لن تشجع الجزائر كانت تقولها بقوة كأنها تؤكد أنها لن تجدد فترتها الرئاسية، ثم سرعان ما تخلت عن موقفها بعدما لمست أنني أشجع من قلبي خاصة في ماتش إنجلترا، فجلست إلي جواري قبل ماتش أمريكا بنصف ساعة تتابع الأجواء والتشكيل وراودها الأمل كثيراً خلال الماتش إلي أن انهرنا سوياً بهدف الإقصاء، وهكذا ظللنا نحزن علي الفرق المغادرة واحدة واحدة إلي أن تعلقت آمالنا بالبرازيل وغانا وبلغ من اهتمامها بماتش غانا أنها كانت تقف متأهبة في انتظار أن يأتي دورها لتشوط هي واحدة من ضربات الجزاء، لكن الإحباط اكتمل وشعرنا باليتم بعد خروج كل من يخصنا في المونديال.
جميل الزوجة قررت أن أرده اليوم فقد أهديت الكارت لحمايا ليتابع بقية الماتشات براحته، أما الزوجة نفسها فهي في المطبخ تعد لنا بعض الأرز باللبن وقد أوصيتها أن ترش وجه الطبق بتاعي بخطين حمر.