د. محمد سعيد حوى - معنى كلمة رمضان مأخوذة من الرمضاء وهي شدة الحر، ومن ثم فأول ما فرض الصوم على الانسانية فرضه الله في هذا الشهر الذي كان شديد الحر مع كونه بعد ذلك متنقلاً بين ايام السنة فيكون حاراً وبارداً ومعتدلاً ليبقى الانسان على ذكر دائم ان هذه الفريضة فرضت في يوم شديد الحر، لتستعد ايها الانسان من وراء ذلك الى لقاء الله في يوم النشور يوم تكون الشمس من الخلائق على مقدار ميلين ويلجم الناس في العرق الجاماً.
وكذا سمي بذلك لانه يرمض الذنوب أي يحرقها ويزيلها ويقال ايضاً ان العرب لما نقلوا اسماء الشهور عن اللغة القديمة سموها بالأزمنة التي وقعت فيها فوافق هذا الشهر ايام شدة الحر ورمضه.
واياً كان، فالله اختار هذا الشهر الذي يحمل هذا المعنى شدة الحر او حر الحجارة بسبب شدة حرارة الشمس عليها وكذا حر الرمال الشديد.
فيقال: اذا رمضت الفصال: أي اذا حميت الرمضاء وهي الرمل فتبرك الفصال - أي الماشية - من شدة حرها واحراقها خفافها. فالله اختار هذا الشهر الذي يحمل هذا المعنى لأمر عظيم وهو تنزل القرآن العظيم على قلب محمد (صلى الله عليه وسلم).
فأصبح لهذا الشهر عظمته ومكانته عند الله وهل اعظم من كتاب الله ومن بعثة محمد صلى الله عليه وسلم ومن محمد بين الانبياء، فلما اراد الله ان يفرض الصوم اختار له اعظم شهر تم تعظيمه عنده.
وان اقتران بعثة محمد صلى الله عليه وسلم بشهر رمضان وتنزل القرآن عليه صلى الله عليه وسلم فيه ليبقى ذلك تذكرة وعظة لكل ذي قلب: انك ايها الانسان لا يمكن ان يكون لك شقاء من وعثاء وشتاء الدنيا واحراقها لراحتك والهاب مسيرتك، ومن ثم لا يمكن ان يكون لك برداً وسلاماً وطمأنينة في الدنيا.
وكذا لن يكون لك اطفاء لحر جهنم وسعيرها الا بهذا الكتاب العظيم القرآن الكريم.
ولأن هذا الشهر شهر القرآن جعلناه شهر الصوم تعظيماً للأمرين معاً فقال تعالى: ''شهر رمضان الذي أُنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان'' أي فرضنا عليكم الصوم لمن شهد الشهر وكأن سائلاً يسأل أي شهر هذا فكان الجواب شهر رمضان.
فكأن سائلاً يسأل لماذا فقال: ''الذي انزل فيه القرآن هدى للناس ...''.
وبعض الناس يحب ان يتندر او يذكر ما هو بمنزلة الاحاجي والالغاز فيقول لك رمضان لأن الراء تعني: الرحمة او الرضوان والميم تعني المغفرة والضاء تعني: الضياء او ضمانة الله لعبده او الضيافة، والألف تعني الاستقامة او الاستسلام لله او الاستجابة او اشارة الى لفظ الجلالة (الله) والنون تعني: النوال لعطاء الله او النماء او الناس، وربما شكل بعضهم من وراء ذلك قولهم رحمة ومغفرة وانت في ضيافة الرحمن لكل الناس، لكن كما ترى.. فهذا تكلف ولا يستند الى اصل صحيح.
ثم ان الله جعل الصوم شهراً من الاشهر القمرية لكي يدور الصوم على مدار السنة كلها، فيصوم العبد في الحر الشديد ذي اليوم الطويل ويصوم في البرد ذي اليوم القصير وفي جو معتدل وبارد.
ولكي يحدث العدل والتوازن بين ابناء اقطار الكرة الارضية فلربما كان الصوم في وقت من الاوقات طويلاً حاراً في مكان بارد قصير في مكان آخر فمع قفير موعد شهر رمضان سيصوم الجميع بمقدار واحد خلال 33 سنة تقريباً وهذا العمر هو عمر اهل الجنة اذ خلال هذه المدة تكون الأشهر القمرية استدارت كاملة على مدار السنة، ومن هنا وجد بالحساب الفلكي الدقيق ان كل مائة سنة شمسية يعادلا 103 سنوات قمرية وهذا سر مجيء الحديث عن قصة اهل الكهف بهذا البيان الرباني ''ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا''.
فهي ثلاثمائة سنة شسمية و309 قمرية والله اعلم، وكذا جعلت جميع العبادات مرتبطة بالتقويم الهجري في الاسلام لتبقى متنقلة دائماً في العام كله فتأخذ من حر الايام وبردها وطويلها وقصيرها.