عجز عن الحصول علي تذكرة قطار فصلي ركعتي إستخارة, وقرر أن يسافر الصعيد بالأتوبيس أو الميكروباص.. قبل زوجته وأولاده صمت قليلا وقال أعلم بأن أخي وابن عمي وزوج ابن خالتي لم يستطيعوا الوصول إلي الصعيد وفارقوا الحياة علي الطريق, ولكنني كلي أمل أن أكمل مالم يستطيعوا أن يفعلوه وأن يعبروا بسلام إلي ذويهم.. سكب العبرات وانفلت علي درج السلم لحقته زوجته وأبنائه وفي صوت واحد لا إله إلا الله
استقر أمره علي سائق ميكروباص في موقف المنيب, وحجز المقعدين المجاورين لمقعد السائق الذي بادر بسؤاله انت بتنام, ولا هتصحي معايا أنا بقالي يومين مطبق فرد بصوت منخفض حضرتك أنا نايم من الخوف من يومين يعني هسهر معاك للصبح أنا هاخذ الطريق الزراعي هو أطول شوية لكن أحسن من الغربي والشرقي.
ومن المنيب لمطار الصعايدة كما يطلق عليه تحرك الميكروباص علي الطريق الزراعي المطبات تملأ الطريق, وأنطلق كالرصاصة لكنه قام بعمل فرملة جعلت الميكروباص يلف, فهناك قطيع من الأغنام ظهرت فجأة تعبر الطريق كادت تقلب الميكروباص.
الحمد لله سليمة.. ممكن حضرتك تشوف مخرج من الزراعي وتطلعنا علي الطريق الشرقي أرجوك.. وأمام الحاح الركاب وافق السائق وعن طريق الكريمات أنطلق مغيرا وجهته.. الطريق بدون مطبات ولا أحد يمكنه قطع الطريق علينا بماشيته.. لكن الطريق بالكاد يظهر أمام ضوء الميكروباص.. فالظلام هنا حالك لا يوجود عمود نور واحد علي الطريق وعليه عجل نقل ثقيل يملكون الطريق يمينا ويسارا, وأي خطأ يمكن أن تفقد حياتك أمامه تماما مثلا عربة النقل التي تسير أمامك بشكل معاكس في الظلام وبكشاف نور واحد فقط وانت لاتعرف أين الجانب الآخر يمين أم يسار, كمان الطريق الشرقي لاتوجد عليه أي خدمات حتي أسوان لن تجد سيارة أسعاف علاوة علي أنه لاتوجد عليه بنزينة بل يجب عليك الدخول للمحافظات للتموين.
ويقول الدكتور المهندس عادل الكاشف رئيس الجمعية المصرية لسلامة الطرق أن طريق الصعيد يعتبر واحدا من النماذج التي تدرس عالميا لسوء التصميم فهو طريق تغلب عليه العشوائية في الرصف والتصميم والاضاءة والتقاطعات وعدم وجود أماكن لعبور المشاة ولا أماكن لعبور المشاة ولا أماكن لعبور الماشية علي الطريق الزراعي فهناك في مصر37 ألف حادثة سنويا ينتج عنها بالأرقام حسب احصائيات عام2009 الأخيرة حوالي8000 قتيل معظمهم علي طريق الصعيد و31000 مصاب وهذه الأرقام رهي الحد الأدني التقريبي لأن هناك حوادث لم تسجل.
ويقول الدكتور مجدي صلاح الدين ررئيس قسم الانشاءات والطرق بكلية الهندسة جامعة القاهرة: إن طريق الصعيد لاتوجد له أية قاعدة بيانات حتي الآن لا أين تحدث الحوادث ولا أين توجد عيوب الطريق ولا أحد يعرف كم تقاطع عليه؟ ولا أين توجد النقاط السوداء علي الطريق رغم انه يحصد عشرات الآلاف من القتلي والجرحي سنويا, ولا أحد من المسئولين يعطي أولوية لعلاج هذه العيوب القاتلة في تصميم الطريق ليستمر نزيف الدماء علي الأسفلت دون منقذ فالطريق بلا اضاءة وبلا علامات ارشادية وبلا مطبات بنسب مدروسة, كما أن الطريق ملئ بالتموجات التي تؤدي إلي حدوث العديد من الحوادث التي تزهق فيها الأرواح بدون ذنب.